ماهي متلازمة داون (Down syndrome)
متلازمة داون أو المغولية هي مجموعة من الصفات الجسدية والنفسية الناتجة عن مشكلة في الجينات تحدث في مرحلة مبكرة ما قبل الولادة. يكون الأطفال المصابون بمتلازمة داون (المغولية) ذوي ملامح مميزة في الوجه، شكلهم الجانبي (بروفيل) مسطح والرقبة قصيرة
ما الفرق بين متلازمة داون والتوحد ؟؟
الكثير من الناس لا يعرفون الفرق بين متلازمة داون والتوحد وهو ما يمكن فهمه من خلال التعريف بتلك المتلازمة الجينية التي تنتج عن حالة من الخلل بالانقسام الخلوي الخاص بصبغيات المرحلة الجينية، حيث إن الطبيعي ما يتم من انقسام شاذ بالصبغي رقم واحد وعشرون إلى قسمين، بينما في متلازمة داون فإن الانقسامات تزداد واحداً لتصبح ثلاث انقسامات. ويترتب على الصبغي الشاذ ذاك بعض التغير التطوري والبنيوي الذي ينتج عنه ولادة أطفال ذوي داون والتي تختلف حدتها من شخص لآخر، ولكن بشكل عام فإنها تجعل المولود بها مصاباً بحالة من التأخر العقلي والتطوري ليس له علاج، والتي تعد أكثر المتلازمات شيوعاً بين جميع أنواع المتلازمات الصبغية، بل إنها تمثل أكبر سبب من أسباب إصابة الأطفال بالتخلف العقلي، وتشوهات أخرى من الناحية الطبية مثل مشكلات القلب والجهاز الهضمي.
أعراض متلازمة داون
يترتب على الإصابة بمتلازمة داون العديد من التأثيرات منها الجسدي، السلوكي أو التأثير المعرفي والتي تختلف من مصاب إلى آخر وهو ما يمكن فهمه والاطلاع عليه من خلال الفقرات التالية:
أعراض متلازمة داون الجسدية
تتم ملاحظة إصابة الطفل بتلك المتلازمة من حيث بعض الملامح والصفات الجسدية المختلفة عن غيره من الأشخاص الطبيعين، ومن أبرز التغيرات في الصفات الجسدية تلك:
- ضعف العضلات الذي يتم ملاحظته نتيجة عدم المقدرة على التحكم باتزان الرأس ولكن غالباً ما يتحسن ذلك بمرور الوقت، ويكون لذلك الضعف في العضلات تأثير على الطفل فيما يتعلق بعمليتي التغذية والرضاعة وبالتالي فإن ذلك التأثير يمتد إلى وزن الطفل.
- يعاني الطفل من بروز اللسان إلى خارج الفم ، مع المرونة في المفاصل.
- الوجه المسطح، مع ازدياد ذلك التسطح بمنطقة الأنف.
- صغر حجم الأذنين عن المعتاد والتي أحياناً ما تكون نثنية إلى الأمام بعض الشيء.
- حجم رأس أصغر من الطبيعي، مع تأخر النمو في باقي أعضاء الجسم.
- يميل حجم كلاً من القدمين واليدين إلى الصغر مع أصابع قصيرة.
- العرض الأبرز والأكثر شيوعاً الذي يميز ذوي داون ويجعل معرفة ما إذا كانوا يعانون من تلك المتلازمة واضحاً بعض الشيء هو ما يمتلكونه من عينين تأخذ شكل اللوزة، والتي أحياناً ما يكون بها بياض بقزحية العين.
الأعراض السلوكية والمعرفية لذوي داون
لعل كلاً من التغيرت في الصفات السلوكية والمعرفية من أكثر الأمور الشائعة التي تظهر على الأشخاص ممن يعانون من تلك المتلازمة، ويشار إلى أن تلك التغيرات تتراوح ما بين البسيطة إلى المتوسطة، ولا يصل ذلك الضعف إلى حالة شديدة إلا في أحوال نادرة، ومن أبرز الأعراض المعرفية والسلوكية لمصابي داون ما يلي:
- مشاكل ضعف الانتباه وتشتت التركيز.
- صعوبات التعلم وبطء الحفظ.
- الميل لإظهار السلوكيات الاندفاعية.
- صعوبة الكلام والتأخر في تطوير اللغة.
- ضعف المقدرة على إصدار الأحكام بطريقة صائبة صحيحة.
أعراض متلازمة داون أثناء الحمل
أحياناً ما تتسائل الأمهات أثناء فترة الحمل على متى تظهر اعراض متلازمة داون حيث إنه يعد من قبيل الأمور الصعبة التأكد مما إذا كان الطفل في رحم الأم هو مصاب بمتلازمة داون أم غير مصاب، الأمر الذي يمكن التعرف عليه واكتشافه من خلال الفحص أثناء فترة الحمل، ولكن في جميع الأحوال فإن الأم الحامل لن يظهر عليها أعراض تشير إلى حمل طفل مصاب بمتلازمة داون، وحين الولادة، غالباً ما يكون هناك بعض العلامات المميزة لدى للأطفال المصابين بها، ومن العلامات تلك:
- الرقبة القصيرة.
- ضعف العضلات.
- تسطّح الوجه.
- تضخم اللسان.
- صغر حجم الرأس.
- العيون المائلة للأعلى.
- شكل الأذن غير الطبيعي.
مضاعفات متلازمة داون
نسبة كبيرة جدا من الأطفال المصابين بمتلازمة داون يولدون وهم يعانون، أيضا، من مضاعفات ومشاكل طبية أخرى عديدة، مثل:
- مشاكل في القلب
- مشاكل في الأمعاء
- مشاكل في الأذنين
- مشاكل التنفس
- وهذه المشاكل تؤدي بدورها إلى مشاكل أخرى إضافية تمثل خطر علي حياة الطفل ، مثل الالتهابات في الجهاز التنفسي أو فقدان حاسة السمع. وهي مشاكل يمكن، لحسن الحظ، معالجتها.
أسباب الإصابة بمتلازمة داون في الحمل
من المعروف في علم الأحياء أنه بجميع عمليات التكاثر التي تحدث تنقل جينات الوالدين إلى الأبناء، وتلك الجينات تحمل كروموسومات، وحينما تنمو خلايا الطفل تبدأ كلاً من الخلايا باستقبال ثلاث وعشرون زوجاً من الكروموسومات بما يعادل ستة وأربعون كروموسوم كعدد إجمالي مقسمة نصفها من الأب والنصف الآخر من الأم. ولكن في حالة الأطفال ذوي داون فإن عملية انفصال الكروموسومات الستة وأربعون لا تتم بالطريقة الطبيعية المفترضة، حيث لا ينفصل واحد من بين تلك الكروموسومات بطريقة صحيحة بمعنى أن يصبح الطفل حامل لثلاث نسخ من الكروموسومات بخلاياه بدلاً من اثنتين، أي أنه يحمل نسخة إضافية جزئية من الكروموسوم واحد وعشرون بدلاً من نسختين، ونتيجة لذلك الكروموسوم الإضافي يصاب الطفل الحامل لهم العديد من المشكلات التي تكمن في نمو المخ وتطوره إلى جانب تغير الملامح وسمات الوجه.
العوامل المؤدية للإصابة بمتلازمة داون
أحياناً ما يكون هناك بعض العوامل التي يترتب على وجودها ولادة طفل مصاب بمتلازمة داون، حيث يتم البحث عن تلك العوامل من قبل الأباء والأمهات لتلافي مخاطر إصابة طفلهم بها، وقد ورد من قبل مركز الأمراض والوقاية منها أن النساء فوق عمر الخمسة وثلاثون عاماً يكون احتمال ولادتهم لطفلهم مصاب بمتلازمة داون أكبر من غيرهم من النساء اللاتي في عمر أصغر منهن. وقد بينت الدراسات التي تم إجرائها بذلك الصدد أن للأباء كذلك دور في ذلك، إذ أوضحت الأبحاث أن الأباء الذين قد تجاوزت أعمارهم الأربعون عاماً ترتفع لديهم نسبة إنجاب طفل مصاب بتلك المتلازمة، وبشكل عام يُذكر أنه من أبرز العوامل التي يترتب عليها ارتفاع احتمالات إنجاب طفل مصاب بمتلازمة داون وجود بعض العوامل الوراثية في عائلة الأب أو الأم، ومن يحمل من الأشخاص قابلية في أجسامهم لظهور الطفرات الجينية في الكروموسومات المؤدية لمتلازمة داون.
أنواع متلازمة داون
ذكرت الجمعية الوظنية لمتلازمة داون أنه قد بلغت نسبة إصابة الأطفال المولودين بالآونة الأخيرة ما بين واحد إلى سبعمائة طفل بمتلازمة داون، ولا يوجد نوع واحد من تلك المتلازمة ولكن هناك أكثر من نوع وهي:
- التثلث الصبغي 21: يعد ذلك النوع هو الشائع أكثر من بين مختلف أنواع المتلازمة والذي يترتب على ناتج وجود نسخة من الكروموسوم رقم 21 زائدة بجميع خلايا المصاب.
- الإنتقال الكروموسومي: بذلك النوع من متلازمة داون، يصبح لدى المصابين به جزء من الكروموسوم 21 زائد وليس الكورموسوم، حيث يبلغ عدد كروموسومات المصابين بذلك النوع ستة وأربعون بينما أحد تلك الكروموسومات يحمل جزء من الكروموسوم رقم 21 زائد وليس الكروموسوم كاملاً.
- الفسيفساء الجينية: وتنتج الإصابة بذلك النوع من متلازمة داون، حينما يكون هناك نسخة من الكروموسوم 21 إضافية تلك الحالة تختلف عن سابقتها في أن ذلك الكروموسوم لا يوجد بجميع خلايا المصاب والذين غالباً ما تكون أعراض إصابتهم أقل حدّة من الأعراض التي تظهر على المصابين بأنواع متلازمة داون الأخرى.
تشخيص متلازمة داون
ينصح الطبيب المعالج، بالتأكيد، بإجراء فحوصات مختلفة خلال فترة الحمل من أجل التحقق من عدم إصابة الجنين بمتلازمة داون (المغولية). هنالك عدة فحوصات تصوير مختلفة يمكن الكشف عن متلازمة داون (المغولية) بواستطها. لكن هذه الفحوصات يمكن أن تبين أحيانا نتائج إيجابية خاطئة، أي أن يظهر في الفحص أن الجنين يعاني من متلازمة داون، بينما هو ليس كذلك في الواقع.
وتشمل فحوصات التصوير:
فحوص دم وتصوير فائق الصوت (تصوير بالموجات فوق الصوتية / أولتراساوند - Ultrasound) في نهاية الثلث الأول (نهاية الشهر الثالث) من الحمل. يحاول فحص التصوير فائق الصوت الكشف عن تكثـّف في منطقة الرقبة في جسم الجنين. ويدعي هذا الفحص"الفحص الكشفي للشفافية القفوية (خلف الرقبة) للجنين" (Nuchal translucency screening)، الذي يرمز لوجود متلازمة داون. هذا الفحص ليس متوفرا دائما وفي جميع الحالات.
فحص دم يدعى فحص زلال الجنين (فحص البروتين الجنيني - AFP - Alpha Fetoprotein test)، أو فحص رباعي يجرى في الثلث الثاني من الحمل. فمن خلال قياس لبعض المركّبات في دم الأم (المرأة الحامل)، يمكن تقدير احتمالات إصابة الجنين بمتلازمة داون، أو الكشف عن مشاكل أخرى لدى الجنين.
إذا كانت نتائج بعض الفحوص التي أجريت للمرأة الحامل تثير لديها قلقا أو شكوكا بشأن احتمال إصابة جنينها بمتلازمة داون، فبإمكان الطبيب المعالج أن يوصي بإجراء فحص الكروموزومات (فحص النمط النووي – Karyotype). ينطوي هذا الفحص على خطورة بنسبة مرتفعة مقارنة بالفحوصات الأخرى، لكنه يعطي إجابة قاطعة حول السؤال ما إذا كان الجنين مصابا بمتلازمة داون (المغولية) أم لا.
ويشمل فحص النمط النووي:
اخذ عينة من الزغابات المشيمائية (Chorionic villus sampling)
بزل السلى / بزل السائل الأمنيوسي (Amniocentesis)
وأحيانا يتم تشخيص المتلازمة بعد الولادة فقط. يستطيع الطبيب تشخيص متلازمة داون، بصورة فورية ومؤكدة تقريبا، اعتمادا على المظهر الخارجي للمولود وعلى الفحص الجسدي. ومن أجل تأكيد التشخيص بصورة موثوقة يتم إجراء فحص دم للمولود، تظهر نتيجته القاطعة الجازمة خلال أسبوعين حتى ثلاثة أسابيع.
علاج متلازمة داون
إذا كان المولود يعاني من متلازمة داون، تتم المباشرة في إجراء الفحوصات الطبية حال ولادته (بعد الإنجاب مباشرة) للكشف عما إذا كان يعاني من مشاكل طبية إضافية. مثلا، الكثيرون ممن يعانون من متلازمة داون يعانون، أيضا، من مشاكل في الرؤية، السمع أو في الغدة الدرقية (Thyroid gland).
كلما تم تشخيص المشاكل الطبية الأخرى بصورة مبكرة أكثر، ازدادت فرص معالجتها بنجاعة أكبر. كما تساعد الزيارات المتكررة والمتواصلة إلى طبيب العائلة في الحفاظ على صحة الطفل المصاب بمتلازمة داون.
يستطيع طبيب الأعصاب الذي يشرف على معالجة الطفل المصاب بمتلازمة داون أن ينصح الأهل بتبني برنامج معالجة ملائم لطفلهم، يتناسب مع وتيرة تطور الطفل، نموه واحتياجاته. فكثيرون من الأطفال المصابين بمتلازمة داون يستفيدون، مثلا، من برامج معالجة النطق واللغة (Speech - language therapy) والعلاج الطبيعي (العلاج الفيزيائي - Physiotherapy).
كلما تقدم الولد المصاب بمتلازمة داون في السن، أصبحت المعالجة المهنية (المعالجة الوظيفية - Occupational therapy) ذات تأثير أكثر وإيجابية أكبر، إذ تساعد المصاب بمتلازمة داون في تقبل مكان عمله والمحافظة عليه وفي العيش حياة مستقلة، قدر الإمكان. أما معالجات الاستشارة فيمكن أن تساعده في تجاوز محن اجتماعية وعاطفية.
هنالك الكثير من المهنيين والاختصاصيين الذين بإمكانهم مد يد العون وتقديم المساعدة، سواء للطفل المصاب بمتلازمة داون أو لوالديه وأفراد عائلته. لكن، ليس ثمة خلاف على أنه منذ لحظة ولادة الطفل المصاب يصبح دور الأهل هو الدور الأكثر أهمية ومركزية في تقرير مدى نجاح الطفل في مواجهة المرض والتعايش معه.
نصائح للأباء للتعامل بالطريقة الصحيحة و الصحية مع أطفال داون
لكي يقوم الأهل بالخطوات الصحيحة الأنسب لطفلهم، يتوجب عليهم أن:
أن يتعلموا كل ما يخص متلازمة داون. فذلك سيساعدهم على ملاءمة توقعاتهم للواقع، كما يفيدهم في كيفية تقديم المساعدة لطفلهم.
التأكد من حقهم في الحصول على أي دعم مادي.
التحري حول وسائل الدعم في المنطقة السكنية التي يقطنون فيها. مثلا: في الكثير من الأماكن تتوفر برامج مساعدة وعلاج للأطفال دون سن الثالثة، لكي تؤمن لهم المساعدة في بداية طريقهم وتساهم في دفعهم قدما.
التحري حول مؤسسات ثقافية ملائمة لإيجاد إطار تعليمي مناسب.
إن تربية طفل مصاب بمتلازمة داون هو تحدٍ صعب لكنه يأتي بثواب كبير. يجب على الأهل أن يكرسوا لأنفسهم بعض الوقت، وإن احتاجوا مساعدة فعليهم ألا يترددوا في طلبها.
إن تبادل الأحاديث والتجارب مع أهال آخرين لديهم طفل مصاب بمتلازمة داون من شأنه أن يشكل عاملا مساعدا في علاج متلازمة داون. لذلك يمكن الاستفسار من الطبيب أو من مؤسسة صحية عن مجموعات الدعم لأهال الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون.